التدرج فطرة
كلّ شيء في الحياة لا يأتي جملة واحدة، وإنما يتكون على مراحل، فحينما يخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، يخلقه طورًا بعد طور (وخلقناكم أطوارا) وهكذا حال خلق النبات،
بل إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهو سبحانه قادر على خلقها في أقل من لحظة، ولكنه أراد تعليم عباده أن هذا التدرّج مطلب في كلّ شيء من أجل هذا كانت القراءة المتدرجة.
وفي هذه التدوينة سنتناول التعليم المتدرج وكيف نطبقه في تعليم القراءة المتدرجة للأطفال.
التدرج في تعلم القراءة أو تعليم القراءة المتدرجة
ولذلك حين نأتي لقضية تعلّم القراءة، فنحن نسير مع الطّفل على هذا التدرّج:
- تدرج في المراحل
- تدرّج داخل كل مرحلة
- تدرج في الكم الكلي
- تدرج في الحجم
مراحل تعليم القراءة المتدرجة
منهج (القارئ العبقري) فيه 14 مرحلة :
1- المرحلة الأولى: الحروف المقطعة؛ والعبقري مطالب فيها بأن يعرف اسم الحرف الهجائي إن جاء غير متصل بغيره، وينطقه من مخرجه الصحيح، ولا يُطالب بأي أمر آخر.
2- المرحلة الثانية: الحروف داخل الكلمة؛ والعبقري مطالب فيها بأن يعرف اسم الحرف حين يقع في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها، وينطقه من مخرجه الصحيح.
3- المرحلة الثالثة: الفتحة؛ ويطلب فيها من العبقري أن يقرأ كلمات وجملا تنتهي كل حروفها بالفتحة.
4- المرحلة الرابعة: الكسرة؛ ويطلب فيها من العبقري أن يقرأ كلمات وجملا تنتهي كل حروفها بالفتحة أو الكسرة.
5- المرحلة الخامسة: الضمة؛ ويطلب فيها من العبقري أن يقرأ كلمات وجملا تنتهي كل حروفها بالفتحة أو الكسرة أو الضمة
وهكذا تسير المراحل درجة فوقها درجة، وكل مرحلة تضاف إلى ما سبقها، إلى أن يصل العبقري إلى مرحلة ال الشمسية فيجد فيها كل ما يعتري الكلمة العربية من حركات ومدود وتنوين وشد.
التدرج في كل مرحلة من مراحل تعليم القراءة المتدرجة
التدرج مطلوب في كل مرحلة على حدة كما هو مطلوب في ترتيب المراحل
فمثلا: لو جئت إلى مرحلة الفتحة في كتاب القارئ العبقري لوجدت في الدرس الأول 6 كلمات، وفي الدرسين الثاني والثالث 10 كلمات وفي الدرس الرابع 12 كلمة.
ولك أن تتخيل لو أننا صدمنا عباقرتنا الصغار بأن الدرس الأول فيه 12 كلمة، ترى هل سيتقبلونه بقبول حسن؟ أو أنهم سيقولون له: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين؟
التدرج في الكم الكلي
- نصيب الحروف من منهج القارئ العبقري دروس تضمنها الجزء الأول من كتاب القارئ العبقري
- أما الفتحة والكسرة والضمة فلها دروس في كتاب القارئ العبقري، ولكل مرحلة كتاب صغير يخصها وحدها؛ وهي (كتاب الفتحة) و (كتاب الكسرة) و (كتاب الضمة)؛ فتجد أن الكم الكلي لهذه المراحل أكثر من مرحلتي الحروف المقطعة والحروف داخل الكلمة
- وبعد أن يكمل العباقرة الصغار مرحلة الضمة وينتقلون إلى مرحلة السكون فإن كل مرحلة يدرسونها من 3 مصادر صفية:
- دروس المرحلة في كتاب القارئ العبقري (مثال: مرحلة السكون)
- كتب المراحل (مثال: كتاب السكون)
- القصص المساندة (مثال: القصص المساندة لمرحلة السكون: قصة خولة وزحل و قصة أحمد وعمر)
والخلاصة أن الكم الكلي لمراحل القراءة يسير على سنن القراءة المتدرجة؛ فيبدأ بكم قليل في المراحل الأولى ثم يزيد إلى مصدرين صفيين في المراحل الوسطى ثم ثلاث مصادر صفية في المراحل المتقدمة.
التدرج في الحجم
يشمل الحجم:
- حجم الخط
- عدد الصفحات
- حجم الصفحات
1- حجم الخط؛ ففي الدروس الأولى ينبغي أن يكون حجم الخط كبيرا ثم يصغر، ويمكن أن نراوح بين الأحجام بعد ذلك.
والغاية من ذلك أن يعتاد العباقرة الصغار على قراءة مختلف أحجام الخطوط
و لأننا إن كنا حقا وصدقا #نعدهم_للحياة ففي الحياة لن يجدوا كل مقروء مكتوبا بخط كبير؛ وأقرب مثال على ذلك أنهم حين يرتادون المطاعم أو المتاجر فإنهم سيجدون الخطوط بالغة الهزال.
2- عدد الصفحات؛ فالدروس الأولى ينبغي أن تكون في صفحات قليلة، كلماتها قليلة
ثم نزيد في عدد الصفحات وعدد الكلمات شيئا فشيئا، وعلى أن هذا الأمر لا يمكن قياسه بدقة متناهية، ولكنه خط عام نسير عليه؛ فقد تكون صفحات الدرس العاشر مثلا 8 صفحات، وللدرس الحادي عشر 7 صفحات، فهذا لا يخل بالتدرج إن كانت الدروس التي قبلها صفحاتها أقل من ذلك.
3- حجم الصفحات؛ فنجد أن كتب القارئ العبقري A4 والقصص المساندة A5 وكتب المراحل A6.
متى نخالف التدرج؟
في بعض الأحيان تعرض صناع المناهج أهداف تربوية تقتضي مخالفة القراءة المتدرجة، فلا بأس من مراعاتها ما دامت لا تخل بالفلسفة العامة للمنهج.
ومن أمثلة ذلك في منهج القارئ العبقري:
1- قصة (خولة وزحل) أكبر من قصة (أحمد وعمر) وكلاهما لمرحلة السكون.
فعلام لم نتدرج بأن نبدأ بالصغرى ثم الكبرى. والجواب: بأننا نتوخى أن يكون العبقري في غاية الحماس لقراءة أول قصة بنفسه دون عون من أحد.
ونتوخى أن هذا الحماس لن يكون على نفس الدرجة في القصة الثانية؛ فلذلك قدمنا الكبرى على الصغرى، لنوظف سلوكه النفسي فيما ينفعه. وعلى أن الفرق في الحجم بين القصتين ليس كبيرا.
2- قصة (الفراش الغاضب) هي القصة قبل الأخيرة من القصص المساندة، وهي أكبر من القصة الأخيرة؛ قصة (يوم الجمعة). وقد خالفنا التدرج فلم نجعل آخر قصة أكبر من سابقتها؛ لأننا نظن أن العبقري في آخر مرحلة يحسب الدقائق والثواني للحظة التتويج، فما أردنا أن نطيل عليه في الحساب؛ فإن طول الانتظار تنغيص.
التدرج في العلاقة مع الكتاب
يغفل كثير من صناع المناهج أن القراءة والكتابة ليستا مهارات فطرية؛ بخلاف الاستماع والتحدث.
ولذلك فإن سياق تعليمهما ينبغي أن يكون متدرجا؛ فيبدأ بتحبيبهما إلى نفوس الأطفال، ثم التمهيد لهما ثم تعلمهما على مراحل.